“كيف أيامك؟ كيف جالسة تعيشين؟”
بدا السؤال عاديًا جدًا فأجبت بدون تردد وعيناي تنظران نحو السماء التي صيّرها غبار الرياض رماديةً باهتة: “أستيقظ، آكل، أنام، وأفعل ما يُملى عليّ و أتمرد مرةً هنا و هناك”
خرجت الكلمات بشكل سلس، كانت الجملة كافية، قويّة لا تحتاج إلى شرحٍ مفرط، أدرت برأسي نحوها، بدا على وجهها علامات الإستغراب و الإستنكار و كأنها تبحث عن إجابةٍ أخرى خلف عيناي.
تكرر سؤالها بصوتٍ هادئ لكنه نافذ: “ايه بس كيف تعيشين؟”
تنهدت و رفعت نظري نحو السماء مجددًا أحاول ترتيب أفكاري، ماذا أقول؟ كيف يمكن للإنسان أن يشرح كل هذه الفوضى داخله بالكلام؟ أعيش بهذا اليقين الضعيف، الهش، اؤمن به مرّة و يدخلني الشك فيه مئة مرة. أحمل بداخل هذا القلب مدنًا من الأحلام يُهدم بعضها قبل حتى أن يبنى و بعضها يبقى خاويًا حتى بعد أن يبنى بأجمل حلّة، أحمل على عاتقي أحلام أثقل من أجنحتي و تطوقني كل هذه الأمنيات حتى تثبتني في هذه الأرض القاحلة، أحلم و تشتعل أحلامي بداخلي ولا تتعاداه و أخشى أن تحرقني هذه النار فأخمدها.
أوازن آمالي و قناعاتي على خطٍ رفيع أسير عليه حافي القدمين وتتقاذفني الرياح مابين السقوط و الثبات، لا يتعدّى حلمي عتبة بابي و أعيش على بقايا أحلامٍ مهملة محاولةً إقناع نفسي بأنها أحلامي التي صيّرتني كما أنا الآن.
أعيش في صراعٍ دائم بين مايمليه علي عقلي و ما أحمل من شعور وأنام بعد تكلفٍ من أفكاري كل ليلة.
أنا كمن يعيش ببطء، برتابة من الخارج و بداخلي خليطٌ من الأحلام و الخيبات من الآمال المهمشة و الذكريات المثقلة التي لا تسمع لها أي صوت.
أعيد بناء نفسي كل ما انكسر مني جزءٌ آخر، و أحاول العيش على كل ما تبقى بداخلي بصمت. أنا -أحاول- أعيش.
