التصنيف: Uncategorized
-
كما لو أنّه لي.

في شباك غرفتي، بنت حمامةٌ عشّها. لم أُمانع، تركتها تفعل ما تُجيده: تبني وتنتظر. رأيت الفرخ يكبر كل يوم، لا يغني، لكنه لا يسكت. ضجيجه يُوقظني، لا لأجل صوته، بل لأني بدأت أعتاد وجوده، كأنه أحد تفاصيل يومي التي لا أتحدث عنها، لكنها تؤثّر في مزاجي. لم أُطعمه، لم أسقِه، لم أضع له ماءً أو…
-
ترفُ التوقّف.

أفكّر كثيرًا في ترف التوقّف. في أولئك الذين يستطيعون أن يتوقّفوا، يختفوا، يعيدوا ترتيب أنفسهم، ثم يعودوا دون أن يخسروا شيئًا كبيرًا. الذين حين يتعبون، يجدون مكانًا يسندهم، ويدًا تترك لهم الضوء مفتوحًا حتى يعودوا، ويومًا فارغًا من التزامات العالم كي يملؤوه بنومٍ طويل أو بكاءٍ بلا سبب. الذين يسمح لهم السياق أن يتعثّروا قليلًا،…
-
ما لا يُقال دفعةً واحدة

وأخيرًا لم تُجِب على رسالتي الأخيرة، ولم أُبادر بعدها؛ لا لأنني اكتفيت، بل لأنني خِفت أن أتجاوز نفسي مرةً أخرى.كانت الرسالة الأخيرة تُشبهني: ممتلئة بما لا يُقال دفعةً واحدة، وهادئة بما يكفي لتُفهَم دون شرح.كلّ شيءٍ تراجع إلى الخلف بهدوء، حتى رغبتي في التفسير. كان هناك شيءٌ يُشبه الرجاء، لكنه انكمش بداخلي وتلاشى. غادرتَ، وأخذتَ…
-
كيف تعيشين؟

“كيف أيامك؟ كيف جالسة تعيشين؟” بدا السؤال عاديًا جدًا فأجبت بدون تردد وعيناي تنظران نحو السماء التي صيّرها غبار الرياض رماديةً باهتة: “أستيقظ، آكل، أنام، وأفعل ما يُملى عليّ و أتمرد مرةً هنا و هناك” خرجت الكلمات بشكل سلس، كانت الجملة كافية، قويّة لا تحتاج إلى شرحٍ مفرط، أدرت برأسي نحوها، بدا على وجهها علامات…
-
أعفيني من هذا القلب يا أمي.

ما عدت قادرًا على تجاوز هذا الضعف، ما عدت قادرًا على محاولة القتال مجددًا، أحاول النوم كل ليلة و يقضُّ مضجعي سؤال: “لماذا ينسّل كل هذا الكم الهائل من الأشخاص من بين يداي يا أمي؟” لماذا أسير أميالاً من البذل و المحاولة لمن لا يرفعون أقدامهم خطوةً نحوي قط؟ لماذا يحيد الأشخاص عني في كل مرّة…
-
ما لا يألفُه القلب.

الساعة الأولى بعد الظهر، شمس الرياض تضرب بحراراتها فوق رأسي، وخطى المفجوعين تتسابق بصمتٍ فوضوي نحو غرفة الوداع. بكاء أمي المتحشرج في صدرها، يُخفي شيئًا من الاعتراض، وصوت سيارة الموتى تردد استعجالها كأن الرحيل مستعجل. المسافة من باب المسجد حتى الغرفة بدت أطول من قدرتي على الفهم، الأرض مفروشة بلافتة قاسية كُتب عليها: “نقل الجنائز”…